في سياق العمل المؤسساتي، يعتبر تحقيق التميز هدفًا أساسيًا يتطلب خطوات استراتيجية محددة. من بين هذه الخطوات، يأتي تأهيل كوادر المؤسسات كخطوة أساسية نحو تحقيق هذا الهدف وتعزيز الاستدامة في المشاريع التنموية.
في إطار مشروع “العودة إلى الموطن”، المدعوم من الاتحاد الأوروبي، تم إنشاء جمعيات لدعم المزارعين في سلاسل قيمة الخضار والزيتون في بلدات كللي وكفرعروق بريف إدلب. يهدف المشروع إلى توفير الدعم المستدام لمزارعي الزيتون والخضار في هذه المناطق، ولضمان جودة عالية، كانت لوطن مبادرة هامة نحو تحقيق الاستدامة.
أطلقت وطن برنامجًا تدريبيًا متكاملًا استمر لأكثر من 60 يومًا لكل دورة، شمل تدريبات متخصصة لأعضاء مجلس إدارة الجمعيتين. كان الهدف من هذه التدريبات تعزيز قدرات المشاركين في الإدارة والتنسيق وتحقيق الاستدامة من خلال الأنشطة المقدمة.
بدأت التدريبات بدورة مكثفة في الحوكمة، استمرت ستين يومًا، وركزت على تحسين البنية الداخلية للجمعيات عبر اعتماد نظم إدارية ومالية حديثة. تم تطوير نظم داخلية تحدد بوضوح أدوار ومسؤوليات الأعضاء، وتنظيم الاجتماعات الدورية وآليات اتخاذ القرارات بشكل قانوني وفعال، مما ساعد في توثيق العمليات الإدارية بصورة احترافية.
ساهم التدريب في رفع قدرات المشاركين في إدارة الموارد المالية، بما في ذلك إعداد الميزانيات وتحليل التدفقات النقدية واتخاذ القرارات الاستثمارية لضمان استدامة الجمعيات. كما حسّن التدريب مهارات التفاوض مع الموردين وصياغة عقود تقلل من النزاعات المستقبلية، مما يعزز استقرار العمل.
بالإضافة إلى ذلك، تم تدريب المشاركين على التخطيط الاستراتيجي، حيث تعلموا كيفية تحديد نقاط القوة والضعف وتحليل الفرص والمخاطر. بفضل هذا التأهيل، أصبح أعضاء الجمعيات قادرين على وضع استراتيجيات طويلة المدى لتعزيز الإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة من خلال خطط عمل مدروسة ومؤشرات قياس واضحة.
كما تم إطلاق تدريب إضافي بعنوان “خطط الأعمال وإدارتها” الذي استمر من 17 مارس حتى 3 سبتمبر 2024،وركز على تعزيز مهارات المشاركين في الإدارة المالية والمحاسبية، وتطوير سياسات إدارية ومالية فعّالة. تم توزيع شهادات حضور على المشاركين الذين أتموا البرنامج بنجاح، تقديرًا لجهودهم والتزامهم.
شارك في هذا التدريب اعضاء جمعيتي مزارعي الزيتون والجمعية النسائية (أكاديا) في بلدة كللي. تناول التدريب ستة محاور رئيسية تشمل السياسة المالية والإدارية للتعاونيات الزراعية، المحاسبة المالية ومحاسبة التكاليف،الموازنات التخطيطية، والتسويق الزراعي.
بفضل هذه التدريبات، اكتسب المشاركون مهارات متقدمة في إدارة المنح والإيرادات والنقدية، وإعداد تقارير مالية دقيقة تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة. كما تعلموا كيفية تحليل الإيرادات والنفقات، وإعداد قوائم التكاليف والموازنات، وتصميم خطط تسويقية فعّالة لمنتجات الجمعية.
إن التدريب المستمر لا يقتصر فقط على تحسين المهارات الفردية، بل يساهم في رفع مستوى الأداء الجماعي ويعزز من قدرة الفرق على التكيف مع التغيرات والتحديات. من خلال توفير برامج تدريبية متقدمة، يمكن للمؤسسات ضمان أن يكون لديها فريق قادر على إدارة الموارد واتخاذ القرارات الاستراتيجية بفعالية، مما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة.
في النهاية، تشكل الكوادر المدربة على الأساسيات وبطريقة احترافية مثالاً يحتذى به في تقديم الخدمات، وتساهم في تحقيق استدامة المشاريع وتعزيز القدرة التنافسية. إن الاستثمار في التدريب هو استثمار في المستقبل، وهوما يمكن أن يميز المؤسسات ويضعها في طليعة النجاح والابتكار.