
عندما نتحدث عن الجهود الطبية المبذولة في مناطق الشمال الغربي من سوريا، تبرز وطن كإحدى أبرز المؤسسات التي تقدم الدعم وتدير هذا القطاع الحيوي، فمن خلال شبكة بنوك الدم التي تديرها وطن، يتم توفير المستلزمات الأساسية للدم، مما يساهم في تقليل التحديات الكبيرة التي يواجهها هذا القطاع. ولكن، ما هي التحديات الحقيقية التي تواجه هذا القطاع في المنطقة؟
في مستشفيات مناطق الشمال السوري، وخاصة في أقسام العناية المركزة، يواجه المئات من المرضى والمصابين صعوبات كبيرة في الحصول على الرعاية الصحية الضرورية. وبينما تتنوع الاحتياجات الطبية، يتعين توفير كل شيء من الأدوية إلى وحدات الدم، التي تعد عنصراً أساسياً في إنقاذ حياة المرضى.
وفقًا لتقرير صادر عن منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان”، لم تتلقَّ خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024 لسوريا سوى أقل من ربع التمويل المطلوب حتى تاريخ 18 تشرين الأول 2024. هذه الفجوة في التمويل أدت إلى تعليق العديد من الأنشطة الإنسانية والمرافق الصحية في شمال غرب سوريا، مما يزيد من تعقيد الوضع الطبي.
في ظل هذا الواقع الصعب، تتجلى أهمية الدور الذي تقوم به المنظمات الإنسانية في تقديم الدعم اللازم للمراكز الصحية وبنوك الدم. ومن بين هذه المنظمات، تبرز وطن كأحد الجهات الفاعلة في تحسين الوضع الصحي في هذه المناطق، بالتزامن مع استعادة المناطق السورية وقدرتها على الوصول إلى كافة المحافظات.
في مدينة حلب، أجرت وطن العديد من التقييمات حول الاحتياجات الأساسية المتعلقة بالواقع الخدمي والصحي والتعليمي. حيث تم الاجتماع مع مديري المنشآت والدوائر الحكومية لتحديد أولويات الدعم والاحتياجات الملحة.
ضمن سعيها المستمر لتحسين الواقع الطبي في المدينة، أعلنت وطن عن بدء توفير الدعم لبنك دم حلب المركزي، والذي يعد من أهم المشاريع الطبية في المدينة. تعتبر هذه الخطوة مهمة للغاية في ظل انقطاع الدعم وضعف التمويل ونقص المستلزمات الضرورية لهذا البنك الحيوي.
يتمثل عمل بنك الدم في فصل، قصف، تخزين وتوزيع وحدات الدم للمستشفيات والمراكز الصحية في مدينة حلب. ويعد هذا البنك من أكبر البنوك في المدينة، حيث يوفر نحو 10 آلاف وحدة دم شهريًا لتلبية احتياجات المرضى في المستشفيات والمراكز الصحية، بالإضافة إلى تلبية حالات الطوارئ.
إحدى السمات البارزة لبنك دم حلب هي خدماته المتكاملة التي تشمل أكثر من 47 مستشفى عام وخاص في المدينة. إذ يتم إجراء كافة التحاليل اللازمة لضمان سلامة نقل الدم قبل تسليمه للمستشفى المعني، مما يضمن عدم حدوث مضاعفات صحية للمريض. يشمل ذلك التأكد من مطابقة فصيلة الدم وصلاحية الدم المنقول، وهي من أهم مراحل العلاج الطبي في المستشفيات.
علاوة على دعم بنك الدم بالمستلزمات الطبية والمواد المخبرية اللازمة، تواصل وطن جهودها في تدريب الكوادر الطبية على الأجهزة الحديثة المستخدمة في عمليات فصل وتخزين الدم. كما تشمل التدريبات المتخصصة دورات حول سلامة الدم، وأحدث الأساليب الطبية لضمان أعلى معايير الجودة في العمل.
رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها وطن لتحسين واقع الرعاية الصحية، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. تزايد الحاجة إلى مزيد من الدعم المالي والموارد اللازمة للحفاظ على استمرارية عمل بنك الدم وغيره من المراكز الصحية في الشمال الغربي من سوريا. كما أن تدريب الكوادر الطبية على أحدث الأساليب والتقنيات يمثل أحد الأسس الضرورية لضمان تقديم رعاية صحية عالية الجودة.
لكن جهود وطن لا تتوقف هنا، بل تواصل المنظمة سعيها في كافة المحافظات السورية، من دمشق وحمص وحماة إلى اللاذقية، لإجراء التقييمات اللازمة وبدء تنفيذ مشاريع مدروسة تهدف إلى تحسين الظروف الصحية والمعيشية، بهدف تحقيق استدامة فعالة من خلال حلول مبتكرة تلبّي احتياجات المجتمعات المحلية وتعزز قدراتها على المدى الطويل.