لا يمكن وصف الحالة التي يعيشها السكان في شمال غربي سوريا، وتحديداً في المخيمات التي أصبحت ملاذاً مؤقتاً لآلاف العائلات التي تركت كل ما تملك هرباً من القصف الوحشي. يزداد الوضع سوءاً مع نقص أساسيات الحياة في أماكن إقامتهم الحالية، من بنية تحتية إلى صعوبة الحصول على مياه نظيفة، التي تُعتبر من أبسط حقوقهم اليومية.

استجابةً لهذه التحديات، أطلقت وطن، بالشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مشروعاً لتوفير المياه النظيفة بطرق مستدامة وصحية وآمنة للعائلات في مخيمات الشمال السوري.

تشمل هذه المشاريع بداية في إنشاء أنظمة طاقة شمسية لتغذية محطات المياه في المخيمات شمال غرب سوريا، بهدف توفير مصدر مستدام وموثوق للطاقة لتشغيل محطات المياه في المناطق التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي أو نقص في البنية التحتية للطاقة. باستخدام الطاقة الشمسية، يمكن للمخيمات ضمان إمدادات مستمرة من المياه النظيفة، مما يحسن الظروف الصحية والمعيشية للسكان.

في مخيمات شام شريف ونسائم الشام بريف إدلب، بدأت فرق وطن في تحقيق الاستدامة المائية من خلال إنشاء 342 لوح طاقة شمسية مجهزة بجميع الملحقات التشغيلية اللازمة لضمان جودة وكفاءة توصيل المياه، حيث سيستفيد من هذا المشروع 5700 شخص.

يقول المهندس محمد العمر، المشرف على المشروع، إن المشروع سيساهم في تقليل استخدام الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى خفض الانبعاثات الضارة وتحسين الأثر البيئي، بالإضافة إلى تعزيز قدرة المخيمات على الاعتماد على نفسها في توفير الطاقة، مما يقلل الحاجة إلى إمدادات خارجية ويزيد من مرونة واستدامة النظام.

ولضمان استدامة المشاريع وفعاليتها على المدى الطويل، تقوم فرق وطن بإجراء تدريبات مكثفة للأفراد المحليين على صيانة وتشغيل أنظمة الطاقة الشمسية. هذه التدريبات تضمن قدرة المجتمع المحلي على التعامل مع أي مشكلات قد تطرأ وتعزز من قدرة المخيمات على إدارة مواردها بشكل مستقل.

ولتقليل المخاطر المرتبطة بتسرب المياه وصعوبة الوصول إلى خزانات المستفيدين، بدأت فرق وطن بتمديد شبكات المياه في مخيمات (شام شريف، المنزلة، رحمة 1، هلال الخير، الريان، الحويجة) بطول إجمالي يبلغ 3225 مترًا طوليًا.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل فرق وطن على توفير خدمات إيصال المياه إلى خزانات المستفيدين عبر تمديد خطوط المياه، لضمان وصول المياه بشكل سلس وآمن إلى سكان المخيمات المستفيدة. كما أضاف المهندس عبد الملك المدرك، المشرف على المشروع: “يهدف المشروع إلى تأمين مياه شرب نظيفة ومعقمة للمستفيدين عبر شبكات مياه مستدامة وآمنة، ويتميز بتأمين غزارات مائية كافية وتخفيف عبء الحصول على مياه الشرب النظيفة”.

إلى جانب مشاريع الطاقة الشمسية وشبكات المياه، تسعى وطن أيضاً لتحسين البنية التحتية في المخيمات، من خلال إنشاء أنظمة للصرف الصحي، مما يسهم في تقليل التلوث وتحسين النظافة العامة. يهدف هذا الجهد إلى بناء بنية تحتية قادرة على مواجهة التحديات اليومية التي تواجهها المخيمات، مما يساهم في تحسين مستوى معيشة السكان.

تسعى مشاريع وطن، من خلال هذه المبادرات، لتحقيق تأثير طويل الأمد عبر تنفيذ حلول مائية وصحية مستدامة، مما يسهم في تحسين نوعية الحياة وتعزيز القدرة على الصمود في وجه الأزمات المستقبلية، في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة.

على الرغم من التقدم الملحوظ الذي تم إحرازه، تبقى هناك حاجة ملحة لدعم مستمر وشامل. إن العمل المشترك مع الشركاء الدوليين يلعب دوراً حاسماً في تعزيز قدرة المخيمات على التكيف مع التحديات الراهنة وتخفيف المعاناة المستمرة. بفضل هذه الشراكات والتعاون الوثيق، يمكن تحقيق تحسن ملموس في حياة السكان وتوفير بيئة أكثر أماناً واستقراراً للجميع.

إن استمرار دعم المبادرات الإنسانية والتعاون بين مختلف الجهات المعنية هو المفتاح لتحقيق الاستدامة وتوفير الأمل لمستقبل أفضل للسكان في هذه المخيمات. تظل الحاجة إلى الدعم الدولي والعمل المشترك حيوية في مواجهة الأزمات وتلبية الاحتياجات الإنسانية الضرورية.