بينما نتأمل الواقع في شمال غرب سوريا، نجد أنفسنا أمام تحدٍ كبير يجب مواجهته، وهو المعاناة المستمرة للعائلات النازحة التي تعيش في مخيمات الشمال تحت أغطية خيام لا توفر لهم الحد الأدنى من الحماية من حر الصيف أو برد الشتاء.
ورغم صعوبة الظروف، لا يزال هناك أمل. فتضافر الجهود الإنسانية في المنطقة، لا سيما من قِبل المنظمات العاملة في شمال غرب سوريا، يسهم في تخفيف معاناة هذه العائلات من خلال توفير المياه والغذاء والمأوى المناسب الذي يضمن لهم حياة كريمة وآمنة.
من بين هذه المنظمات التي تساهم في تحسين أوضاع الأسر النازحة، تبرز منظمة وطن التي لعبت دورًا بارزًا بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، حيث حققت العديد من الإنجازات التي ساهمت في تخفيف معاناة الآلاف من النازحين عبر نقلهم من أماكن إقامتهم المؤقتة إلى وحدات سكنية أكثر استقرارًا. وفي مخيم المهجرين بريف إدلب، كان الوضع مختلفًا.
بفضل خبرات هندسية، ودراسة مفصلة لاحتياجات الأسر النازحة، تدخلت فرق وطن في مخيم المهجرين ببلدة دير حسان بريف إدلب، لإطلاق مشروع إعادة تأهيل الموقع وتحسين ظروف الإقامة بالشراكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
يوضح محمد صادق، منسق المشروع، أن الأعمال تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية بالكامل، بما في ذلك خطوط الصرف الصحي والمياه، وتحسين الطرقات من خلال تعبيدها لتسهيل الوصول إلى الموقع. كما سيتم تركيب أعمدة إنارة لتعزيز الأمان ليلاً.
أما بالنسبة للوحدات السكنية المبتكرة، يضيف صادق أن هذه الوحدات ستتألف من جدران إسمنتية مصممة بشكل احترافي وسقف معزول من ألواح “ساندويش بانل”، بمساحة تتراوح بين 25 و35 مترًا مربعًا، تتضمن غرفتين، وحمامًا، ومطبخًا، وساحة صغيرة.
واختتم صادق حديثه قائلاً: “ما نراه من فرحة وبهجة على وجوه العائلات النازحة أثناء تنفيذ هذا المشروع يدفعنا للاستمرار في هذه المسيرة. فكيف لا، وهم سينتقلون من خيمة قماشية بالكاد تصمد أمام العواصف إلى وحدات سكنية توفر لهم الأمان الذي طالما بحثوا عنه منذ بدء رحلة نزوحهم”.
ورغم هذه الجهود الكبيرة والمشاريع التي تسعى إلى تحسين أوضاع النازحين، لا تزال المعاناة مستمرة.فالاحتياجات في شمال غرب سوريا تتزايد يومًا بعد يوم مع تزايد أعداد النازحين وضيق الموارد. إذ تعيش العديدمن العائلات في ظروف بالغة الصعوبة، حيث تفتقر إلى الأساسيات التي تمكّنها من العيش بكرامة.
تؤكد منظمة وطن بالتعاون مع الشركاء الدوليين والمحليين أن العمل لم ينتهِ بعد. فالتحديات كبيرة، لكن الإصرار على توفير حياة أفضل لهؤلاء النازحين هو الدافع الرئيسي وراء كل مشروع جديد. إن توفير المأوى الكريم، وضمان الوصول إلى المياه النظيفة، وتأمين الغذاء الصحي، ليست سوى خطوات أولى في مسيرة طويلة لتحقيق الاستقرار والكرامة لهذه العائلات.
يقول أبو أحمد، أحد سكان المخيم: “لا نزال بحاجة إلى المزيد من الدعم، لأننا ما زلنا نعيش تحت تهديد مستمر من سوء الأحوال الجوية ونقص الاحتياجات الأساسية. ومع ذلك، نحن ممتنون للجهود المبذولة، ونأمل أن تستمر حتى نتمكن من بناء حياة جديدة”.
ومن خلال مبادرات مثل هذه، يصبح الأمل في مستقبل أكثر إشراقًا ملموسًا. إن تفاني المنظمات مثل وطن، جنبًا إلى جنب مع الدعم المستمر من الشركاء والمانحين، يجعل هذا المستقبل في متناول اليد.