
على الرغم من سنوات الحرب في سوريا والعقوبات المفروضة عليها، لا تزال الموارد البشرية في القطاع الصحي السوري بالرغم من قلتهم تواصل التطور والتكيف مع أحدث التقنيات الطبية والمخبرية من خلال التدريبات التقنية المتقدمة. إن استمرار تحديث مهارات الكوادر الصحية والمخبرية يعكس التزام هذا القطاع بمواكبة التطورات العالمية، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للسكان.
في هذا الإطار، أطلقت وطن، بالتعاون مع جامعة حلب، برنامجًا تدريبيًا مكثفًا بعنوان “المهارات التقنية في المخبر الجرثومي”، استمر لمدة ثلاثة أيام في مستشفى حلب الجامعي، مستهدفًا أخصائيي وفنيي مخابر الزرع الجرثومي في حلب وإدلب. يهدف البرنامج إلى تعزيز قدرات الكوادر المخبرية من خلال تزويدهم بأحدث التقنيات المخبرية المعتمدة عالميًا في تحليل العينات الجرثومية، وإجراء الاختبارات الكيميائية الحيوية والمصلية، بالإضافة إلى اختبارات التحسس على المضادات الحيوية لضمان دقة التشخيص المخبري.
تم خلال التدريب تعريف المشاركين بأحدث التقنيات المخبرية، مما يضمن تحسين دقة التشخيص الطبي وتقديم علاجات أكثر فعالية، وبالتالي تقليل استخدام المضادات الحيوية بشكل عشوائي، مما يساعد على الحد من مقاومة الجراثيم للأدوية.
لم يقتصر التدريب على الجوانب النظرية فقط، بل تضمن جلسات تطبيقية مكثفة داخل مختبرات مستشفى حلب الجامعي، حيث أجرى المشاركون سلسلة من الاختبارات العملية باستخدام أحدث الأجهزة والتقنيات المخبرية. وقد شملت التدريبات تطبيقات حية لتحليل العينات الجرثومية، والتعرف على أبرز الأمراض التي يمكن تشخيصها بهذه الفحوصات، مما عزز قدرة المتدربين على التعامل مع الحالات المخبرية المختلفة بكفاءة أكبر.
تؤكد الدكتورة هبة، مديرة مركز وطن 2 وأحد المدربين في البرنامج، على أهمية هذا التدريب قائلة:”شهد المجال المخبري تطورات تقنية كبيرة، ويهدف هذا التدريب إلى تعريف المشاركين بأحدث الطرق العلمية في علم الجراثيم والفيروسات، بالإضافة إلى تعزيز مهاراتهم في إجراء الاختبارات المخبرية وفق المعايير الحديثة.”
من جانبه، أوضح الدكتور يحيى بكار، أحد المشاركين في التدريب، أن البرنامج ساعد في تحسين مهاراته في إجراء التحاليل المخبرية وفق أحدث المعايير، وأضاف:”استطعنا من خلال هذا التدريب توسيع معرفتنا في علم الفيروسات، وأصبح لدينا فهم أعمق للفترات الزمنية المطلوبة لكل تحليل، مما يعزز جودة التشخيص المخبري. نأمل أن تستمر هذه الدورات بشكل دوري لمواكبة التطورات الطبية المستمرة.”
إن تحسين المهارات المخبرية ينعكس بشكل مباشر على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، حيث يؤدي التشخيص الدقيق إلى تقديم علاجات أكثر فاعلية وتقليل الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية دون مبرر طبي، مما يسهم في الحد من انتشار مقاومة الجراثيم للأدوية.
رغم الصعوبات، يثبت القطاع الصحي السوري أنه قادر على مواكبة أحدث التطورات العالمية من خلال الاستثمار في الموارد البشرية. ومع استمرار هذه التدريبات التقنية المتقدمة، فإن الكوادر الصحية في سوريا تقترب أكثر من تحقيق نظام صحي أكثر كفاءة واستدامة، قادر على تلبية احتياجات المواطنين رغم التحديات المستمرة.