بين الورقة والزيت… وطن ترسم مستقبلًا مشرقًا لمزارعي الزيتون في شمال غرب سوريا – WATAN

بين الورقة والزيت... وطن ترسم مستقبلًا مشرقًا لمزارعي الزيتون في شمال غرب سوريا

بعد مضي عقد من الزمن، أصبحت المدخلات الزراعية عالية الجودة تحديًا كبيرًا لمزارعي الزيتون في شمال غرب سوريا. وانخفضت جودة هذه المدخلات، وارتفعت أسعارها، مما خلق وضعا صعبا يتطلب من المزارعين التفكير بشكل إبداعي لمواجهة التحديات وضمان استمرارية إنتاجهم.

أبو حسين، رمز التراث الزراعي العريق، ورث فن زراعة الزيتون عن أجداده في بلدة كللي بريف إدلب. وهو يعتمد كل عام على موسم الزيتون لتأمين رزقه وإعالة أسرته. “تجاربنا الزراعية واجهت تحديات جديدة بسبب عدم توفر المبيدات والأسمدة عالية الجودة، والأدوات اللازمة في الوقت المناسب، وعدم وجود معاصر قريبة لعصر الزيتون”، يقول أبوحسين مع زملائه المزارعين.

وفي ظل هذه الصعوبات الاقتصادية، تألّق مشروع “وطن” كمصدر أمل ودعم لمزارعي الزيتون والخضار في المنطقة. وبدعم من الاتحاد الأوروبي، أعادت “وطن” تشكيل المشهد الزراعي بمبادرات تهدف إلى الاستدامة.

بدأ المشروع بتأسيس جمعية “أكاديا” لمزارعي الزيتون في بلدتي كللي وكفر عروق بريف إدلب. وتعد هذه الجمعية،التي تضم أكثر من 476 مزارعًا، بمثابة شهادة على التزام وطن بتمكين المزارعين المحليين. وتقدم الجمعية الدعم المستمر، مما يعكس الشعور المشترك بالمسؤولية داخل المجتمع الزراعي.

ولم تكتف “وطن” بتقديم الخدمات التعليمية فحسب، بل أطلقت مبادرة فريدة من نوعها، بدعوة المزارعين لحضور دورات تدريبية مكثفة حول شجرة الزيتون، الرمز الأبدي للثروة والاستقرار في الوطن. وتضمنت هذه الدورات محاضرات توعوية وعملية، وتزويد المشاركين بالمعرفة اللازمة للحفاظ على شجرة الزيتون وضمان محصول سنوي متميز.

أتاحت الجلسات العملية في الحقول الخضراء فرصًا لترجمة المعرفة النظرية إلى تجارب عملية. حيث شارك المزارع ونفي عمليات الرعاية والحفاظ على الأشجار بأنفسهم، مما أضاف قيمة كبيرة لممارساتهم الزراعية.

وفي إطار جانبي لهذا التدريب، وسّعت “وطن” جهودها لتشمل الخدمات الزراعية الحيوية، مثل حرث الأراضي في الخريف. ورغم بساطتها، إلا أن هذه الخدمة أثرت بشكل كبير على جودة الإنتاج الزراعي واستمرارية العوائد المالية للمزارعين.

علاوة على ذلك، قدمت “وطن” مختبر جودة الزيوت، وهو إضافة ثورية إلى المشهد الزراعي المحلي. ويتيح هذا المختبر للمزارعين تحليل عينات زيت الزيتون باستخدام أحدث التقنيات العلمية، مما يضمن جودة منتجهم ويسهل وصول منتج مميز إلى الأسواق.

ومع ذلك، لم تكتف وطن بتوفير الخدمات الزراعية الأساسية فحسب، بل ذهبت أبعد من ذلك بإطلاق مختبر جودة الزيت،الذي يعد إضافة ثورية إلى مشهد الزراعة المحلي. يتيح هذا المختبر للمزارعين فرصة فريدة لتحليل عينات زيت الزيتون بأحدث التقنيات والأجهزة العلمية، مما يضمن جودة منتجهم ويسهل لهم الوصول إلى الأسواق بمنتج مميز.

وبفضل هذه الجهود الجبارة أصبحت الأراضي الخضراء واحة للتطور والإنتاجية. حيث يزدهر جيل جديد من المزارعين، مدعومين بالمعرفة والتقنيات الحديثة. وهذا يعزز مكانة الزراعة كركيزة أساسية لاقتصاد الدولة ويتوافق مع رؤية وطن لتحقيق التنمية المستدامة والرفاهية الشاملة للمجتمع.

تقول إليانور روزفلت: “المستقبل ملك لأولئك الذين يؤمنون بجمال أحلامهم.” وبحلمنا بمستقبل أفضل أصبحت جمعية الزيتون مصدرا للإلهام والدعم. وبدلاً من قلق المزارعين بشأن العثور على المال لدفع أجور العمال أو لاستخراج زيتالزيتون، يستطيعون الآن تخصيص الأموال للأمور الضرورية تسهم الآن في تلبية احتياجات اسر المزارعين وضمان تعليم أطفالهم بشكل مستقر ومضمون.

ويقول أبو حسين بكلماته المليئة بالامتنان والتفاؤل: “لم نعد محاطين بالقلق على الحياة. بل إننا الآن ننتظر بفارغ الصبر محصولاً يعكس جهودنا وينتج أفضل ما يمكن تحقيقه سنوياً”.

لقد تحولت رحلة أبو حسين من سعي شاق إلى واقع مليء بالأمل والنجاح. تلهم قصته الآخرين الذين يسعون إلى تحقيق أحلامهم في الزراعة. ولم يكن هذا الإنجاز ليتحقق لولا تضافر جهود المنظمات الدولية والجهات المانحة. وبفضل تمويلهم ودعمهم السخي، غيرت مشاريع مثل “وطن” حياة الناس وحسّنت مجتمعاتهم بطرق لا يمكن تصورها.

ومع مرور الوقت، انتشرت نجاحات مشروع “وطن” وتأثيره الإيجابي بشكل واسع. وبدأت منظمات وجمعيات محلية أخرى في محاكاة نموذجها الناجح، مما أدى إلى زيادة الدعم والاستثمار في المجتمع الزراعي.

وهكذا، أصبحت رحلة أبو حسين وغيره من المزارعين سلسلة من قصص النجاح، تُروى باستمرار كمصدر إلهام وشجاعة لأولئك الذين يسعون إلى تحقيق أحلامهم وبناء مستقبل أفضل لمجتمعاتهم.

 

DECLINE