تعيش أم رائد في منزلها المتضرر، حيث يتحمل سطح هذا المنزل ثقل الزمن وجدرانه تهمس بقصص الحياة. إنها جدة صامدة، تمثل دورالعائل لأحفادها وتحتضنهم جميعا بحنان عندما تكون نظراتهم تبحث عن العزاء في اتساع السماء المفتوحة.
على خلفية هذه الجدران المتداعية، يقف تصميم أم رائد بلا هوادة. تتمسك بمسكنها، وملاذ ذكرياتها العزيزة التي يتردد صداها في أركانه القديمة. تزين هذه الجدران لقطة مؤثرة لأطفالها، أرواح فقدت في وابل لا يرحم من القصف الجوي الذي دمر مدينة جسر الشغور التي كانت مزدهرة في يوم من الأيام.
تقف أم رائد الآن كحجر الزاوية لا يتزعزع لعائلتها، وبصمودها تحمي ليس فقط مصدر رزقهم بل أيضاً مفتاح أحلامهم في التعليم. ومع ذلك، فإن طريقها في هذا الدور يحمل ألم كبير. فصدى مأساة سابقة يتجدد عندما غادر زوجها عن هذا العالم قبل تسع سنوات، ضحية قصف دمر منزلهما وحوله إلى غبار، وبعد فقدانها شريك حياتها، حزنت جداً على فقدان المنزل الذي صنعوه معًا بحنان، لبنة لبنة، عامًا بعد عام ، مليئًا بالحب والرعاية ولكن بروحها التي لا تقهر، تخطت أم رائد التهجير المؤقت، متشبثة بقليل من الأمل وسط الأنقاض.
تشهد رحلة أم رائد على الامتدادات الشاقة للنزوح والتشرد، في رحلة الصمود التي أعادتها إلى منزلها المدمر بعد الهدوء الذي عاد إلى المنطقة، وإلتماس العزاء داخل أسوار منزلها استمراراً في التحديات – فقد أصبح البحث عن الماء وإعالة أحفادها صراعًا يوميًا، ويعتمد تجاوزه غالبًا على كرم الجيران والأقارب لتأمين أساسيات الحياة مثل مياه الشرب النظيفة والطعام المغذي.
وفي خضم كل ذلك، برز فريق وطن كمنارة الأمل حيث بادروا مدفوعين بالتزامهم الذي لا يتزعزع للارتقاء بمستوى الحياة، في مشروع يتردد صداه إلى ما هو أبعد من حدود البنية التحتية.
في قلب جسر الشغور، ازدهرت محطات المياه، وهي شهادة على تفاني وطن. حيث تدفقت مياه الشرب النقية والآمنة ، ولمست الحياة بطرق تجاوز معناه المادي. كان التأثير ملموسًا – تغيرت حياة أم رائد وحياة عدد لا يحصى من المستفيدين بشكل لا يقاس. لم يعودوا منفصلين عن مصدر المياه الواهبة للحياة، ولم يقعوا في شرك مخاطر الوصول إلى الجداول الملوثة وتجنبوا العواقب الصحية الوخيمة من موارد المياه الملوثة.
تؤكد قصة أم رائد ، وهي صورة مصغرة من القصص التي لا حصر لها والتي يتردد صداها من خلال نسيج الأراضي التي مزقتها النزاعات والكوارث، على الأهمية القصوى لتقديم المساعدة.
ومن قلب عواصف المحن التي لا هوادة فيها ، تبرز وطن كمنارة ومدافعة عن الضعفاء. إن هذه الإستجابة بمثله هذه المشاريع تعكس أصوات أولئك الذين اجتازوا تجارب لا يمكن تصورها، وتحث على زيادة الدعم للأسر المتضررة في سوريا لتساعدهم على المرونة،و تنسج خيوط الأمل.
إن دور وطن، يتردد صداه من خلال تحول الحياة للأفضل وإشراق الأمل وسط أقسى الظروف. ففي كل مسعى، وكل مشروع تستثمر فيه المساعدات الإنسانية في تعزيز البنية التحتية للمياه، تترك بصمة لا تمحى على الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
إن استمرار دعم المشاريع الإنسانية لوطن، يغذي التزامًا في تحسين الحياة والسعي لتعزيز صمود أولئك الذين يصارعون الشدائد بمثابرة ودون هوادة، لكي تضيء الطريق أمامنا. ومن خلال الجهود المتضافرة، فإن الدعم والمساعدات المقدمة للأسر المنكوبة في سوريا والمناطق الأخرى المحتاجة تعزز الصمود والثبات، وهذا دليل على الإمكانات اللامحدودة للرحمة الإنسانية.