
لا يخفى على أحد حال السوريين في مخيمات النزوح التي تم إنشاؤها منذ عقد من الزمن. فالتحديات المتزايدة المتعلقة بتوفير الاحتياجات الأساسية لا تزال تشكل عائقًا كبيرًا أمام الآلاف من السكان الذين يعانون من فقدان قوت يومهم، فضلاً عن افتقارهم لفرص العمل التي تتيح لهم تلبية احتياجات أسرهم.
بعد عودة العديد من المناطق في سوريا وإمكانية العودة إلى المنازل، يظل الشتاء عقبة كبيرة أمام أهلنا، حيث ينتظر الكثيرون انتهاء موجات البرد ليلتمسوا فرصة العودة إلى منازلهم والبدء بحياة جديدة على أمل تحقيق أحلام طالما كانت مجرد خيال في السنوات الماضية.
لكن العائق الأكبر الذي يواجههم يكمن في توفير المياه النظيفة للشرب، فضلاً عن مستلزمات النظافة الشخصية. فالأوضاع المعيشية الصعبة تتفاقم مع تزايد أكوام القمامة العشوائية، بالإضافة إلى الروائح الكريهة الناتجة عن الحفر الفنية المكشوفة، ناهيك عن مصادر المياه غير الآمنة وغير المعقمة، مما يشكل عائقًا حقيقيًا لا يمكن وصفه.
في مواجهة هذه التحديات، كانت لوطن خطوات ملموسة لتحسين هذا الوضع المأساوي. فمع تزايد الصعوبات، ساهمت وطن في تعزيز النظافة وتوفير الاحتياجات الأساسية لسكان المخيمات عبر مشاريع مبتكرة تهدف إلى تحسين الوضع الصحي والخدمي.
بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، التي ساهمت مع وطن على مدار أعوام طويلة في تحسين حياة النازحين في المنطقة عبر مشاريع صحية وخدمية مدروسة ومستدامة، تم تأمين المياه المعقمة في أكثر من 104 مخيمات شمال غربي سوريا. حيث عملت وطن على توفير المياه عبر الصهاريج المجهزة بمادة الكلور التي تساهم في تعقيم المياه، مما يقلل من انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه الملوثة.
إلى جانب توفير المياه النظيفة، عملت وطن على تنفيذ خطة شاملة لتخفيف الأعباء الصحية عن السكان في المخيمات، حيث قامت بتوفير خدمات ترحيل النفايات وتفريغ الحفر الفنية التي تشكل بيئة مثالية للأمراض المعدية والأوبئة. كما ساهمت في التخلص من أكوام القمامة العشوائية التي كانت سببًا رئيسيًا في انتشار الحشرات والأمراض.
لتعزيز الوضع الصحي بشكل أكبر، تم توفير 39 خزان مياه بسعة 1000 لتر في 6 مخيمات شمال غربي سوريا، بهدف ضمان وصول المياه النظيفة والآمنة للسكان. كما تم تخصيص 40 حاوية قمامة في 6 مخيمات أخرى للحد من تراكم القمامة العشوائية، وبالتالي الحد من انتشار الحشرات والأمراض.
ورغم هذه الجهود الكبيرة، يواجه سكان المخيمات تحديات كبيرة أخرى. إذ لا تزال هناك حاجة ملحة لتحسين البنيةالتحتية بشكل أكبر، لا سيما في مجال توفير المزيد من المرافق الصحية والمراكز الطبية التي يمكن أن توفر الرعايةللأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة أو الطارئة. كما تظل قضية التعليم في المخيمات من القضايا المقلقة،حيث يعاني الأطفال من نقص في الفرص التعليمية الجيدة، مما يهدد بمستقبل ضبابي للأجيال القادمة.
ستستمر جهود وطن في تحسين الوضع المعيشي لسكان المخيمات، حيث لن تقتصر على المخيمات فقط، بل ستتواصل أيضًا في بلدات النازحين بعد عودتهم إلى ديارهم. ستكون الخطوة التالية هي إجراء تقييمات شاملة للاحتياجات الأساسية في تلك المناطق، بهدف تحديد أولويات العمل وتوجيه الدعم إلى المجالات الأكثر إلحاحًا.
إن التزام وطن بتقديم الحلول المستدامة لا يتوقف عند الظروف الحالية، بل يشمل أيضًا الاستعداد لمستقبل أفضل للنازحين عند عودتهم. من خلال تنفيذ مشاريع تركز على التنمية المستدامة، سيتم تمكين هذه المجتمعات من إعادة بناء حياتهم بشكل مستقر وآمن، مما يساهم في تحسين الأوضاع الصحية والبيئية في مناطقهم.