“نحن لا نخاطر فقط بتكرار التاريخ إذا قمنا بتغطيته تحت السجادة، بل نجازف أيضًا بأن نكون قصيري النظر بشأن حاضرنا.”
في نسيج الصراع الذي يجتاح شمال غرب سوريا، يتحمل أطفالنا الأصغر سنا، ثقل التحديات الهائلة، ويتطلبون استجابة عاجلة وفعالة. وتحولت ملاعبهم إلى ساحات قتال، خالية من الملاذات الآمنة، مما يعرضهم لمخاطر تهدد حياتهم ومخاطر كامنة في الظل. إن فقدان الأحباب يثقل كاهل هؤلاء الأطفال، ويضطرهم إلى تولي عباءة المسؤولية المنزلية في سن حيث يجب أن تسود البراءة.
اليوم، لا تقوم فرق الحماية التابعة لوطن فقط بتلبية الاحتياجات الفورية لهؤلاء الأطفال؛ إنهم يعيدون كتابة رواياتهم في إطار مشروع فريد مصمم لبث الأمل في حياتهم وحياة عائلاتهم.
ومع التركيز على أكثر من 6000 طفل، تعتبر هذه المبادرة منارة للدعم النفسي والاجتماعي. ومن خلال مزيج من الجلسات الترفيهية والتعليمية، لا تجد هذه النفوس الشابة فترة راحة من واقعها القاسي فحسب، بل فرصة لبناء المرونة. تعزز الجلسات التواصل والتعاون، والأهم من ذلك، قبول الذات – وهي لبنات بناء حاسمة في إعادة بناء الطفولة المحطمة.
ويمتد التزام فرق الحماية التابعة لوطن إلى ما هو أبعد من الأطفال ليشمل مقدمي الرعاية الذين يزيد عددهم عن 3000 شخص. تهدف خدمات رعاية الوالدين إلى تثقيف الوالدين حول الفروق الدقيقة في مرحلة الطفولة، وتوجيههم في التعامل مع تعقيدات الأبوة والأمومة وسط الشدائد. ويتم التركيز على أساليب تعديل السلوك، وتهيئة بيئة من التفاهم والتعاطف.
ومع ذلك، فإن تأثير المشروع يتجاوز الدعم النفسي. تتدخل فرق إدارة حالات الأطفال لمساعدة أولئك الذين يواجهون تحديات صحية واجتماعية، حيث تقوم بتقييم وتشخيص أكثر من 500 طفل. يتم تنفيذ خطط العلاج الشخصية، ويتم توجيه العائلات لضمان الوصول الشامل إلى احتياجات الطفل. والهدف النهائي ليس مجرد شفاء نفسي، بل مجتمع يحترم حقوق الأطفال ويحميها.
لا تقتصر هذه المبادرة التحويلية على ما هو فوري؛ وتطمح إلى تزويد الآباء بالأدوات العملية، وتعزيز الوعي والتعليم. الهدف هو تعزيز مهارات الوالدين وتعزيز التفاعلات الإيجابية في المواقف العصيبة. وتتصور خاتمة المشروع مجتمعًا لا يوفر الحماية فحسب، بل يحترم بفعالية الإمكانات الموجودة داخل كل طفل.
وبينما نقف على عتبة باب الأمل الجديد هذا، فإن التقدم المحرز في حياة هؤلاء الأطفال الصامدين يثير الفخر. وترمز فرق الحماية بدورها الفعال والإيجابي إلى الالتزام ببناء مستقبل أكثر إشراقا. إلا أن هذه الرحلة تتطلب توحيد الجهود، على المستويين الدولي والمحلي، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية.
وعلى حد تعبير نيلسون مانديلا، “سيحكم علينا التاريخ من خلال الفرق الذي نحدثه في الحياة اليومية للأطفال”. ومن الضروري أن ندرك الترابط بين المجتمع، وأن ننسج بيئة داعمة لهؤلاء الأطفال حتى ينمووا ويحققوا إمكاناتهم. مهمتنا تتجاوز مجرد تقديم الخدمة؛ وهي تسعى إلى بناء مجتمع مستدام يقدم الدعم الشامل ويغذي بذور الأمل بغد أكثر إشراقا.
إن خطورة الوضع الحالي تتطلب التعاون الدولي والمحلي مع المنظمات الإنسانية. هذه الفئة المهمشة، أطفالنا، الذين يعيشون في ظروف لا تليق ببراءتهم، تتطلب جهدا جماعيا لتوفير الحماية والمساعدة اللازمة. ولا يمكن تجاهل الأزمة الإنسانية في هذه المنطقة؛ يجب على العالم أن يقف متحدًا، لأنه من خلال العمل الجماعي يمكننا حقًا حماية وتمكين هذه النفوس المرنة التي تمثل وعد إنسانيتنا المشتركة.
من خلال دعم وطن، فإننا لا نساهم في مشروع فحسب، بل في ظهور لحن متناغم، يردد قدرة كل طفل على الارتفاع فوق التحديات والازدهار في أحضان مجتمع عطوف وداعم.