الثروة الحيوانية في شمال سوريا: دعم صغار المربين لتعزيز الانتاجية – WATAN

الثروة الحيوانية في شمال سوريا: دعم صغار المربين لتعزيز الانتاجية

في شمال غرب سوريا، حيث تعتمد آلاف الأسر على الثروة الحيوانية كمصدر رئيسي للرزق، يواجه المربون تحديات كبيرة تهدد استمرارية هذا المصدر الحيوي. في هذه المناطق، تُعدُّ قطعان الماشية مصدراً أساسياً لتأمين الاحتياجات اليومية من الغذاء والماء والنفقات الأخرى الضرورية للحياة.

في بلدة ملس شمال إدلب، يعيش الحاج حسين، أحد المربين المعروفين، في منزله المتواضع برفقة أطفاله. يعتمد الحاج حسين على قطعان الماشية من الاغنام والأبقار لتأمين رزقه ورزق عائلته. ومع ذلك، فقد واجه الحاج حسين العديد من التحديات التي تهدد استمرارية هذا المصدر الحيوي.

يقول الحاج حسين: “الأمر لم يعد سهلاً كما كان من قبل. في الماضي، كانت الأمور أكثر استقرارًا، ولكن الآن لاأستطيع شراء الأدوية واللقاحات الضرورية لقطعاني بسبب ارتفاع الأسعار وقلة الدعم. حتى العلف أصبح نادرًا ومكلفًا، ونجاح حدوث الحمل عند الأبقار أصبح أملًا ضعيفًا. يعود ذلك إلى ضعف جودة القشات المستخدمة وقلة الخبرات في المنطقة، أما استخدام التلقيح الطبيعي من الثيران المتواجدة في المنطقة، فيسبب بعض الأمراض للأبقار.”

وسط هذه التحديات، تبرز المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غرب سوريا لتوفير الدعم اللازم لمربي الماشية في المنطقة، بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، عبر توفير الأدوية واللقاحات اللازمة باستخدام سلالات جيدة الإنتاجية وملائمة للمنطقة، وصولاً إلى توفير العلف والأغذية الضرورية.

من بين هذه المنظمات، كانت منظمة وطن بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) حاضرة عبر إطلاق مشروع دعم المربين أصحاب الحيازات الصغيرة من الماشية بخدمات التلقيح الاصطناعي والرعاية البيطرية”، حيث وفر هذا المشروع خدماته لأكثر من 2500 مربي أبقار في مناطق إدلب وحلب.

يشمل المشروع مجموعة واسعة من الخدمات للمربين، بدءاً من التلقيح الاصطناعي للأبقار باستخدام سلالات مناسبة للبيئة وعالية الإنتاجية، وصولاً إلى العلاجات التناسلية لعلاج العقم، والرعاية الشاملة للصحة بما في ذلك علاجات التهاب الضرع وسوء التغذية. كما يشمل تنفيذ الإسفنجات الهرمونية ومزامنة الشبق للأغنام العواس لزيادة معدلات التوأمة، بالإضافة إلى مكافحة الطفيليات والدعم الغذائي.

بالإضافة إلى ذلك، ينظم المشروع دورات تدريبية لمربي الأبقار والأغنام حول إدارة فعالة للماشية للمساهمة في تعزيز جودة الإنتاج.

تواجد فرق “وطن” البيطرية المتخصصة، التي تضم أطباء ومساعدين مؤهلين، في مناطق مثل حارم، سلقين، كفر تخاريم، وأرمناز في إدلب، والباب، الراعي، صوران، أخترين، إعزاز، ومارع في حلب، يضمن تقديم الخدمات اللازمة لمربي الماشية.

كان الحاج حسين أحد المستفيدين من هذا المشروع، حيث ساهمت عمليات التلقيح الاصطناعي التي أُجريت لأبقاره في تحسين إنتاجيتها وزيادة عدد الحملان. كما ساعدت هذه العمليات في تحسين نسل قطعانه، وذلك في ظل تدهور الصفات الإنتاجية للأبقار بسبب استخدام لقاحات غير موثوقة المصدر.

يقول الحاج حسين: “خدمات المشروع كانت مفيدة جداً. بفضل التلقيح الاصطناعي، أصبحت أبقاري أكثر صحة وإنتاجية. كما أن العلاجات التي حصلنا عليها ساعدت في معالجة الكثير من المشاكل الصحية والانجابية. أصبحت لدينا القدرة على تحسين نسل قطعاننا بشكل ملحوظ.”

على الرغم من النجاحات التي تحققت بفضل المشاريع الإنسانية والدعم المقدم من المنظمات مثل وطن والفاو، تظل التحديات التي يواجهها مربو الماشية في شمال غرب سوريا قائمة. فالحاج حسين ومن معه، الذين استطاعوا تحسين ظروفهم بفضل هذا الدعم، لا يزالون في حاجة مستمرة إلى المساعدة لضمان استمرارية رزقهم وحياة أسرهم.

تعتبر هذه المبادرات جزءاً أساسياً من الجهود المبذولة لدعم استقرار المجتمع الريفي والحفاظ على مصدر رزق آلاف الأسر. ولكن، نظراً للظروف الاقتصادية والإنسانية الصعبة، فإن الاحتياجات تبقى مستمرة، وتوفير الدعم بشكل منتظم هو أحد الضروريات لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز قدرة المربين على مواجهة التحديات.

من الضروري أن تظل المنظمات الإنسانية والشركاء المحليون والدوليون متكاتفين لتلبية هذه الاحتياجات، وتقديم الدعم المستمر الذي يساهم في تحسين جودة حياة المربين وضمان استمرارية هذا القطاع الحيوي. بفضل التكاتف والتعاون، يمكننا أن نواصل العمل نحو تحقيق الأمل والرخاء للمجتمعات التي تعتمد على الثروة الحيوانية كمصدر أساسي لرزقها.

DECLINE